
هل ستتحول باكستان إلى سوق عالمية للعملات الرقمية؟
2025-03-28
مُؤَلِّف: محمد
إسلام أباد - تعتزم باكستان وضع إطار قانوني لتداول العملات المشفرة في محاولة لجذب الاستثمارات الدولية، حسبما نقلت وكالة بلومبرغ عن الرئيس التنفيذي لمجلس العملات المشفرة الباكستاني بلال بن ثاقب.
وأكد وزير المالية الباكستاني محمد أورنجيزيب يوم الجمعة الماضي على الدور المحوري لمجلس العملات المشفرة الباكستاني في رسم مستقبل البلاد بمجال الأصول الرقمية وتقنية البلوكتشين.
وقال أورنجيزيب خلال الاجتماع الافتتاحي للمجلس إنه سيعمل كمنصة مركزية تجمع الجهات التنظيمية وأصحاب المصلحة في القطاع لتطوير إطار تنظيمي مسؤول واستشرافي للعملات المشفرة.
وتحتل باكستان المرتبة التاسعة عالمياً من حيث تبني العملات المشفرة، وفقاً للشركة "تشيناليسيس"، وقال بلال بن ثاقب في المقابلة إن هناك ما بين 15 إلى 20 مليون مستخدم للعملات المشفرة في باكستان.
في السنوات الأخيرة، شهد تبني العملات المشفرة شعبية متزايدة في باكستان حيث حذر البنك المركزي الباكستاني من المخاطر التي تشكلها هذه الصناعة.
وفقاً لصحيفة "بيزنس ريكوردر" الباكستانية، فإن تنامي مجتمع العملات المشفرة في باكستان أدى إلى نقاشات على المستوى الحكومي بشأن الفوائد والمخاطر المحتملة المرتبطة بتقنية العملات المشفرة.
وعلى الرغم من التحذيرات السابقة للحكومة والجهات التنظيمية المالية في البلاد من استخدام العملات الافتراضية - والتي أشارت إلى مخاوف تتعلق بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب ونقص حماية المستهلك - فإن هذا التحول في المنظور دفع الحكومة إلى إعادة النظر في موقفها، مبدئية التوجه العالمي نحو التمويل الرقمي.
وفي خطوة تشير إلى التحول الحكومي في هذا السياق، أنشأت وزارة المالية الباكستانية مؤخراً المجلس الوطني للعملات المشفرة، في خطوة مهمة تهدف إلى مواكبة البلدان الاتجاها العالمية الناشئة في مجال التمويل الرقمي.
ويتم تنسيق هذا الجهد تحت إشراف بلال بن ثاقب المستشار الرئيسي للعملات المشفرة، لتسهيل عملية دمج تقنيات سلسلة الكتل (البلوكشين) والأصول الرقمية في النظام المالي الباكستاني.
ووفقاً لتصريحات خاصة للجزيرة نت، قال بلال بن ثاقب إن باكستان على ما يبدو كانت تعاني من نظرة حذرة تجاه العملات الرقمية في الماضي، لكن هذا يتغير الآن، إذ أصبحت القيادة الآن منفتحة على فكرة "احتضان" العملات الرقمية.
وأضاف "نحن بالفعل الرابع أكبر سوق للموظفين المستقلين في العالم، كما تتلقى باكستان أكثر من 30 مليار دولار سنوياً من التحويلات المالية".
جلب الاستثمارات الأجنبية وتحسين النظام المالي في باكستان كأحد أبرز الأسباب التي دفعت الحكومة إلى وضع إطار لتنظيم العملات المشفرة في البلاد.
وقال بلال بن ثاقب "هدفنا واضح وهو نهج متوازن يسخر الإمكانيات الهائلة لتقنية البلوكتشين والعملات المشفرة، مع حماية المستهلكين والمستثمرين، ويبقى الامتثال للمعايير الدولية الصادرة عن مجموعة العمل المالي (فاتف) وصندوق النقد الدولي جوهر استراتيجتنا".
من جهته، يقول الخبير في الأصول الرقمية علي خوجا إن الحكومة الآن تدرك إمكانية جذب الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى توليد عائدات ضريبية من تنظيم هذه الصناعة.
وقال خوجا للجزيرة نت إن هناك جانبين لهذا الأمر، هما تعديل البيتكوين وتداول العملات المشفرة.
وفي مجال التعديل، ثمّة إدراك بإمكانية الاستفادة من الطاقة الفائضة التي تمتلكها باكستان لتوليد البيتكوين، كما تنشئ الولايات المتحدة احتياطياً للبيتكوين، وتنفذ دول أخرى مثل الإمارات وبوتان والسلفادور مشاريع مماثلة على المستوى الوطني.
أما الجانب الثاني فهو تداول العملات المشفرة، إذ يمكن للحكومة جذب منصات تداول عالمية مثل "بينانس" و"كوين بيس" لتأسيس فروع لها في باكستان وجمع الضرائب من المستثمرين عبر هذه المنصات.
ويقول الخبير الاقتصادي والباحث في مركز دراسات الفضاء والأمن الدكتور عثمان شوهان إن تحول موقف الحكومة من العملات المشفرة يمكن أن يطلق العنان لإمكانات اقتصادية كبيرة من خلال تعزيز ريادة الأعمال التكنولوجية المحلية، وجذب الاستثمارات الباكستانية، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى البنية التحتية للتكنولوجيا المالية.
ويقول شوهان - الذي أصدر كتباً عدة عن العملات المشفرة - في حديث للجزيرة نت إنه مع وجود الضمانات المناسبة والوضوح التنظيمي تتمتع باكستان بفرصة لترسيخ مكانتها باعتبارها مركزاً استشارياً للتمويل الرقمي في المنطقة، مما يوفر الرقابة والانفتاح على واحدة من أكثر التقنيات تحولاً في العصر الحديث.
الهيكل القانوني الحالي في باكستان لا يعترف حالياً بالعملات المشفرة كأصول مشروعة أو وسيلة تبادل، إذ إن ثمّة العديد من القوانين التي تحكم الأنشطة المالية، لكن أي منها لا ينص صراحةً على العملات الرقمية.
ويقول علي فريد خوجا إن تنظيم الأصول الرقمية والمشفرة لا يعني التصديق عليها، بل وضع متطلبات تنظيمية ووضع قواعد وأنظمة للعملية والرقابة.
وأضاف خوجا أنه على الرغم من التحذيرات من بنك الدولة فإن ملايين المواطنين الباكستانيين يستثمرون في الأصول المشفرة، ومن الواضح أن الحكومة فشلت في منع ذلك، لذلك فإنه من الأفضل بكثير تنظيم هذه الأصول ووضع ضوابط لحماية العملاء.
من جهته، يقول الدكتور عثمان شوهان "لا يتعارض نهج البنك المركزي في التحذير من العملات المشفرة مع توجه الحكومة الأوسع نحو وضوح تنظيمي، بل إنهما متكاملان".
وأضاف شوهان أن البنك المركزي يصيب في تسليطه الضوء على مخاطر استخدام العملات المشفرة غير المنظمة، ولا سيما المخططات الهرمية وعملية الاحتيال مثل "بونزي" التي أضرت سابقاً بالمستثمرين العموميين.
وأشار إلى أن التوفيق بين هذين الموقفين يتطلب الإقرار بإمكانية تطوير الأطر التنظيمية للحد من المخاطر.