
الاستشارية صديقة حسين: الوصمة الاجتماعية لا تزال عائقاً أمام المرضى النفسيين
2025-04-03
مُؤَلِّف: حسن
التوجيهات الملكية ووزارات سموع ولي العهد رئيس الوزراء للعوائل تعزز الاستقرار النفسي
المشكلات الأكثر شيوعًا تتعلق بضغوطات العمل والعلاقات الأسرية.
لعب نشر الوعي دورًا هامًا في كسر حاجز الصمت وزيادة الإقبال على العلاج النفسي، الأمر الذي يظهر تحسنًا ملحوظًا في وعي المراهقين والشباب بالصحة النفسية.
تعد الصحة النفسية ركيزة أساسية في بناء مجتمعات سليمة ومتوازنة، حيث تؤثر بشكل مباشر على جودة الحياة للأفراد ومدى قدرتهم على التفاعل مع بيئتهم الاجتماعية والعملية.
مع التغيرات السريعة التي يشهدها العالم اليوم، باتت قضايا الصحة النفسية تحظى باهتمام متزايد من الحكومات والمؤسسات الصحية والمجتمعات.
وفي البحرين، شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في مستوى الوعي بالصحة النفسية مما أدى إلى زيادة الإقبال على العلاج النفسي والتوجه نحو التثقيف الذاتي بشأن المشكلات النفسية المختلفة. ومع ذلك، ما زال هناك تحديات تواجه الأفراد في التعامل مع الاضطرابات النفسية، سواء بسبب الوصمة الاجتماعية أو نقص الوعي الكافي بالحلول العلاجية والتشخيص.
وتحدثنا مع الاستشارية صديقة حسين، الطبيبة النفسية الفعالة في البحرين، حول الوضع النفسي في البحرين والتحديات التي يواجهها الأفراد في هذا المجال. كما تناولنا العوامل الاجتماعية والثقافية المؤثرة في الصحة النفسية، ومدى تحسن الوعي العام حولها، بالإضافة إلى أكثر المشكلات النفسية شيوعًا وأساليب العلاج المتاحة.
وأكدت د. صديقة أن الوضع النفسي في البحرين مستقر حاليًا، حيث تتناسب نسبة الحالات النفسية مع المعدلات المتوقعة وفقًا للمعايير العالمية.
كما أكدت أن اضطرابات نفسية تتضمن اختلالات جسيّة في التفكير أو ضبط المشاعر أو السلوك، وهي مسائل يمكن التعامل معها بشكل فعال عبر التقييم النفسي المتكامل والعلاج المناسب. وأشارت إلى أن الصحة النفسية لا تقتصر على غياب الاضطرابات، بل تشمل التمتع بحالة من الرفاهية النفسية التي تمكن الأفراد من العمل بكفاءة ومواجهة تحديات الحياة بمروءة، مشددة على أن الاستقرار النفسي لا يعني غياب الحالات المرضية، بل يدل على أن مستويات القلق والاكتئاب والمشكلات النفسية الأخرى ضمن النسب المتوقعة.
وأكدت د. صديقة أن البيئة الاجتماعية والثقافية تلعب دورًا مهمًا في تعزيز الصحة النفسية، مشيرة إلى أن الاحتفالات الوطنية والدينية، إلى جانب التوجيهات الملكية ووزارات ولي العهد، تسهم في تعزيز الاستقرار النفسي والاجتماعي.
وشددت على أهمية التفكير في دعم العوامل البيئية مثل تشجير الشوارع وإنشاء الشلالات والنافورات كعوامل مؤثرة إيجابيًا على الحالة المزاجية العامة للمواطنين.
وأوضحت أن البحرين كغيرها من المجتمعات الحديثة، تواجه تحديات جديدة مثل ضغوط الحياة اليومية والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضافت أن العوامل الثقافية مثل التماسك الأسري والتقاليد الاجتماعية يمكن أن تكون عامل دعم للصحة النفسية، لكنها قد تشكل ضغطًا في بعض الأحيان عندما تتعارض مع التوقعات الاجتماعية الصارمة.
وأفادت د. صديقة أن مستوى الوعي بالصحة النفسية قد شهد تحسنًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، لاسيما بين فئة المراهقين والشباب في العقدين. تعتبر هذه التحسن نتيجة للتطورات التي شهدتها المناهج التعليمية، والتي باتت تتناول الجوانب النفسية بشكل أكثر عمقًا، مما يعزز من قدرة الأفراد على فهم مشكلاتهم النفسية والسعي لحلها بطريقة صحيحة.
كما أشارت إلى أن دور وسائل الإعلام والمنظمات الصحية في نشر الوعي قد ساهم في كسر حاجز الصمت بشأن الأمراض النفسية، مما جعل الأفراد أكثر جرأة في طلب المساعدة عند الحاجة.
ودعت د. صديقة إلى ضرورة تعزيز الجهود الحكومية لتوفير خدمات نفسية متكاملة، مشينة إلى أن المشاكل النفسية الأكثر شيوعاً تتعلق بالضغوطات الحياتية مثل العمل والعلاقات الأسرية.
كما لفتت إلى أن الاكتئاب يعد من أكثر الأمراض النفسية انتشارًا، حيث يعد أحد الأسباب الرئيسية للطلاق والمشكلات الأسرية، مؤكدة أن مشاكل الأطفال مع المدارس الخاصة تنبع غالبًا من عدم اختيار المدرسة المناسبة لقدراتهم واحتياجاتهم النفسية والتربوية.
وشددت على أن الضغوط الاقتصادية والتغيرات في سوق العمل تؤثر على الصحة النفسية، حيث يشعر العديد من الأفراد بعدم الاستقرار الوظيفي مما يزيد من معدلات القلق والتوتر، كما أن العلاقات الاجتماعية المتوترة، سواء في بيئة العمل أو الأسرة، قد تؤدي إلى زيادة مستويات التوتر والقلق.
وقالت: 'لاحظت زيادة في الإقبال على العلاج النفسي في البحرين، مما يعكس تزايد الوعي بأهمية التوجه للعلاج المتخصص'.
وأوضحت أن التقييم النفسي يتم بناءً على ثلاث جوانب رئيسية: الاجتماعية، والنفسية، والبيولوجية، مؤكدة أن هذا التقييم الشامل يساعد في تشخيص الحالات بدقة ووضع خطط علاجية فعالة.
وبيّنت أن العلاج النفسي لا يقتصر على الأدوية فقط، بل يشمل العلاج السلوكي والمعرفي والتأهيل النفسي، الذي يساعد المرضى على اكتساب مهارات التكيف وتحسين جودة حياتهم، مؤكدة أن الزيادة في الإقبال على العلاج مؤشر إيجابي يعكس تطور النظرة المجتمعية تجاه الصحة النفسية.
وأشارت د. صديقة إلى أن المجتمع البحريني ما يزال بحاجة إلى تغيير في نظرته إلى المرضى النفسيين، خصوصاً الفئة العمرية فوق الخمسين، حيث يعاني بعض الأفراد من مشكلات نفسية، لكنهم لا يسعون للعلاج بسبب الوصمة الاجتماعية. موضحة أن بعض الأشخاص يلجؤون إلى تعاطي الكحول بدلاً من تلقي العلاج النفسي، وهو أمر يحتاج إلى وعي مجتمعي أكبر بشأن أهمية العلاج.
وأكدت أن الوصمة المرتبطة بالصحة النفسية ما تزال تمثل عائقاً رئيسيًا يمنع كثيرين من طلب المساعدة، مشيرة إلى ضرورة تكثيف الحملات التوعوية وتشجيع الأفراد على التحدث عن مشكلاتهم دون خوف من التمييز.
ختامًا، أكدت د. صديقة حسين أن الاهتمام بالصحة النفسية يجب أن يكون جزءًا لا يتجزأ من الرعاية الصحية العامة، مع ضرورة تحسين الوعي المجتمعي وإزالة الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالأمراض النفسية.