
التوقف عن أكل اللحوم: خطر صحي أم قرار شجاع؟
2025-03-29
مُؤَلِّف: فاطمة
تتباين آراء الناس والباحثين والأطباء بشأن الآثار الصحية المترتبة على تناول اللحوم، وخاصة عند الإفراط في استهلاكها. ومع ذلك، فإن معظم الأطباء يحذرون من الإفراط في تناول اللحوم الحمراء، ويستعرضون العديد من الأضرار الصحية المرتبطة بها، بما في ذلك ارتفاع نسبة الكوليسترول والسمنة وزيادة الوزن.
أشارت الأبحاث إلى أن اتباع نظام غذائي نباتي قد يحمل الكثير من الفوائد الصحية، مما يدفع العديد إلى التساؤل عما يحدث للجسم عند التوقف عن تناول اللحوم بشكل كامل. حيث أكدت الدراسات أن التحول إلى الحمية النباتية لا يعد ضمانًا لصحة أفضل، بل يعتمد على كيفية تعويض العناصر الغذائية المفقودة.
هناك منظمات صحية عدة، مثل جمعية القلب الأمريكية ومراكز السيطرة على الأمراض، توصي بنظام غذائي قائم على النباتات، مع السماح بكميات معتدلة من اللحوم بدلاً من الاقصاء التام. تشير الأبحاث أيضًا إلى أن تقليل استهلاك اللحوم أو الاستغناء عنها قد يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية وارتفاع ضغط الدم والسمنة وارتفاع نسبة السكر من النوع الثاني، بالإضافة إلى بعض أنواع السرطان.
من المعروف أن الفوائد تعود بشكل أساسي إلى تقليل الدهون المشبعة، والتي تتوفر بكثرة في اللحوم الحمراء والمنتجات المصنعة، وترتبط بأمراض مزمنة. كما توضح الاختصاصية في التغذية كيري جانس بحسب "سكاى نيوز عربية" أن الفوائد تعود بشكل أساسي إلى تقليل الدهون المشبعة، والتي تتواجد بكثرة في اللحوم الحمراء.
تؤكد أيضًا الاختصاصية شونالي سوانز أن التوقف عن تناول اللحوم يساعد في تقليل الالتهابات في الجسم، حيث يمكن أن تساهم اللحوم المعالجة في رفع مستويات الالتهاب، بينما تعتبر مصادر البروتين النباتية خيارات أكثر أمانًا لصحة الجسم.
لكن التحدي الأكبر يكمن في تعويض العناصر الغذائية التي تتواجد بشكل رئيسي في اللحوم، مثل البروتين والحديد والزنك وفيتامين B12. ومع ذلك، يمكن الحصول على هذه العناصر من المصادر النباتية، حيث يمكن للعدس والفاصوليا والسبانخ والمكسرات أن تكون بدائل ممتازة للحديد، بشرط أن تُستهلك إلى جانب أطعمة غنية بفيتامين C لتحسين امتصاصها، مثل الفواكه الحمضية أو الفلفل الحلو.
يمكن أيضًا الحصول على الزنك من البقوليات والحبوب الكاملة، كما يُوصى بتناول بدائل الألبان المدعمة بالكالسيوم وفيتامين D، إلى جانب التوفو والخضروات الورقية واللوز.
الشعور العام بعد التوقف عن تناول اللحوم يختلف من شخص لآخر، بينما يشعر بعض الناس بزيادة في الطاقة وتحسن في الهضم ونوم أفضل، قد يواجه آخرون نوعًا من التعب أو انخفاض النشاط في حال لم يتم تعويض البروتين والعناصر الأساسية بشكل كافٍ.
على رغم من عواقب المخاطر الصحية والبيئية، إلا أن هناك اعتقادًا واسعًا بأنه من الأفضل لنا تجنب الاعتماد على اللحوم الحمراء للحصول على العناصر الغذائية. التحول إلى الأنظمة الغذائية النباتية، بحسب الدراسات الأخيرة، لا يعني التقوقع على الطعام النباتي فقط، بل يمكن أن يتضمن تناول القليل من اللحوم الحمراء.
ومع ذلك، فإن الباحثين وخبراء الصحة ينصحون بعدم الاستغناء عن تناول اللحوم تمامًا، لأن ذلك قد يضر بالصحة. وفقًا لدراسة صادرة عن جامعة إدنبرة، تشير الأهداف الرامية إلى تقليل استهلاك اللحوم ومنتجات الألبان بنسبة 20% بحلول عام 2035 قد تزيد في الواقع من المخاطر الصحية.
وأكدت الدراسة أن اللحوم المطبوخة بعناية، التي يتم تناولها بشكل انتقائي، قد تعزز الصحة، في حين أن الاستغناء تمامًا عن اللحوم وعدم إيجاد مصادر بديلة للمغذيات الموجودة بها قد يتسبب في افتقار الجسم للسيليينيوم والحديد والزنك.
الدراسات كثيرة حول اللحوم الحمراء وحول آثارها الصحية، لكن الأهم هو أن التوقف عن تناول اللحوم يمكن أن يكون خطوة إيجابية نحو نمط حياة صحية، شرط أن يصاحب ذلك تخطيط غذائي سليم يضمن التوازن والتنوع، ويمنح الجسم ما يحتاجه من عناصر لتعمل أجهزته بكفاءة وتبقى الصحة في أفضل حالاتها.