
سعيد القرش.. يبحث عن فضاء إبداعي يتجاوز قيود الزمن
2025-03-29
مُؤَلِّف: حسن
أحمد عاطف (القاهرة) تمثل الكتابة للروائي المصري سعيد القرش حالة من الهروب واللجوء، إذ يصعب عليه تخيل الحياة دونها. ويقول إنه لا يكتب وفق مشروع محدد، بل ينطلق من شغف شخصي واستمتاع ذاتي، وتعتبر الكتابة عنده رحلة في التاريخ والخيال، بحثًا عن فضاء إبداعي يتجاوز قيود الزمن والحياة الواحدة.
أوضح القرش أن كل عمل جديد يستنزفه، حتى يشعر أنه لن يتمكن من الكتابة مجددًا، لكنه يجد نفسه يعود إليها بدافع غامض يشبه غواية السندباد البحري، الذي يقسم بعد كل مغامرة أنه لن يعود، لكنه لا يقاوم النداء.
ويرى أن الكتابة لا يمكن التحكم فيها بقرار مسبق، لأن الاحترافية الزائدة تقتل الإبداع، وتحوِّل النصوص إلى أعمال تقريرية بلا روح، وكل كتابة هي خيال، حتى لو كانت مستمدة من الواقع، والنصوص تخضع لمنطقتها الخاصة أثناء كتابتها.
"أول النهار"
وأشار القرش إلى روايته "أول النهار"، التي وصل فيها البطل إلى نهاية غير مخطط لها، وتوفي في الثلث الأول من الرواية، وهو ما اعتبره منطقًا فنيًا أكثر صدقاً من التخطيط المسبق. ولا يرى القرش علاقة مباشرة بين الصحافة والأدب، وأن دراسته للصحافة لم تكن جسرًا نحو الكتابة الأدبية، لكنها أفادته في جعل لغته أكثر دقة وتجردًا من الزوائد البلاغية.
وشدد على أن القراءة بالنسبة له ليست مجرد متعة، بل وسيلة لإعادة اكتشاف الذات والتفاعل مع التراث الإنساني. ويستمد إلهامه من النصوص المصرية القديمة، والملاحم العربية والإغريقية، خصوصًا "ألف ليلة وليلة"، التي يعتبرها النص الإنساني الأهم، والقراءة الجيدة تضع الكاتب أمام تحدٍ كبير، وتفرض عليه الابتكار بدلًا من التقليد.
الأدب الحقيقي
ولا ينصح القرش بالسعي وراء الجوائز، لأن الأدب الحقيقي هو الذي يمنح صاحبه عمراً متجدداً، بغض النظر عن التقييمات الرسمية. وبعض الكتَّاب يجيدون التكيُّف مع معايير الجوائز لتحقيق الشهرة والنجاح المالي، لكن موجات التغيير المستمرة تجعلهم عرضة للنسيان سريعًا. والكاتب يجب أن يخلص لعمله الإبداعي، وألا يكتب إلا ما يمنح المتعة الشخصية، التي تنتقل بالضرورة إلى القارئ.
واعتبر الروائي المصري تجربته في كتابة "ثلاثية أوزير" شهادة خاصة على أن الكتابة مغامرة ذاتية، لا تخضع لقواعد أو كواليس مخططة لها مسبقًا.