المال

احتجاجات تكلف تركيا مليارات الدولارات في أسبوع!

2025-03-27

مُؤَلِّف: سعيد

شهد الاقتصاد التركي تدوراً حاداً خلال الأيام الأخيرة، حيث سجلت الليرة التركية أسوأ أداء أسبوعي لها منذ عامين، متراجعة بشكل ملحوظ أمام العملات الأجنبية. تزامن هذا الانخفاض مع خسائر ضخمة في البورصة التركية، بلغت قيمتها 67 مليار دولار خلال ثلاثة أيام فقط. وقد نتج عن ذلك انخفاض المؤشر العام بأكثر من 15%، وهو أكبر تراجع منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008.

لم يكن هذا الانهيار الاقتصادي بمعزل عن التوترات السياسية التي اجتاحت البلاد مؤخراً. فقد اندلعت موجة احتجاجات كبيرة في العديد من المدن التركية، إثر قرار إلغاء الشهادة الجامعية لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، واعتقاله لاحقاً. ويعتبره الكثيرون رمزاً للمعارضة ومحاولة للتخلص منه من المشهد السياسي، نظراً لكونه أبرز منافس محتمل للرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2028.

أكرم إمام أوغلو، الذي ينتمي لحزب الشعب الجمهوري المعارض، يعتبر أحد الأسماء البارزة التي برزت في مواجهة أردوغان، خاصة بعد فوزه بمنصب رئيس بلدية إسطنبول مرتين عام 2019، متغلباً على مرشح حزب العدالة والتنمية. يعتبر هذا الفوز ضربة لحزب أردوغان الذي يسيطر على المشهد السياسي التركي منذ أكثر من عقدين. ومنذ ذلك الحين، يواجه إمام أوغلو تحديات سياسية حقيقية قد تعقد فرص أردوغان في الانتخابات المقبلة.

مع تدهور الوضع الاقتصادي، ارتفع خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مواجهة المعارضة، متجهاً لاتهامها بـ«إغراق الاقتصاد» عبر تسييس الحكم القضائي ضد إمام أوغلو، وتحريض الشارع ضد الاحتجاجات، معتبراً إياها «إرهاب الشارع» الذي يهدد استقرار البلاد.

ومع تصاعد الأزمات، حاول البنك المركزي التركي التدخل لوقف النزيف المالي، حيث ضخ 26 مليار دولار في الأسواق لمحاولة دعم الليرة واستعادة ثقة المستثمرين المحليين والأجانب. ولكن هذه الخطوة لم تكن كافية لوقف التدهور، إذ لا تزال الشكوك تحيط بمدى قدرة الحكومة التركية على استعادة الاستقرار المالي في ظل استمرار الأزمات السياسية.

تفاجم الأزمات أدى إلى تراجع ثقة المستثمرين بشكل كبير، مما انعكس سلباً على تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية التي تشكل جزءًا كبيرًا من دعم الاقتصاد التركي.

من ناحية أخرى، عززت هذه التطورات حالة الاستقطاب السياسي في تركيا، حيث انقسم الشارع التركي بين مؤيدي أردوغان الذين يرون في قراراته حماية للاستقرار، ومعارضين يعتبرون ما يحدث تقويضاً للديمقراطية.

هل التسوية السياسية هي الحل؟

مع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية وزيادة الغضب الشعبي، يبقى السؤال الأبرز: هل يمكن إيقاف النزيف الاقتصادي دون التوصل إلى تسوية سياسية؟ المراقبون يرون أن أي محاولة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي لن تنجح دون معالجة الأزمات السياسية العميقة التي تهدد مستقبل الديمقراطية التركية. وبالتالي، فإن التوترات المتصاعدة بين الحكومة والمعارضة تلقي بظلالها على المشهد الاقتصادي، وتقلل من فعالية أي جهود اقتصادية.